يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الوايت بيري

بواسطة جزيرتــــــــــــــــــــــــي يوم القسم : 0 التعليقات


أقف بإعجاب لقدرتنا على السير عكس الاتجاه، فبينما يهرول العالم المتقدم ويتسابق في تطوير قدراته العلمية، وتسعى الدول الصاعدة الأخرى للحصول على التكنولوجيا الحديثة بأي ثمن، نُصر نحن على الوقوف وسط الإعصار، تارة نسند ظهورنا بدعاوى الحفاظ على الهوية والثقافة والموروث، وتارة نستمد العون من الذود عن معتقداتنا الدينية التي لا نتذكرها - غالباً - إلا حين نشعر بأن عورة تخلفنا الفكري والحضاري بدأت تتكشف.



وفي كل يوم نضيف فصلاً جديداً لكتابنا الخالد : "جامع المضحكات المبكيات"، وآخر هذه الفصول محاولة التدخل في تقنية أجهزة البلاك بيري، والضغط على الشركة المنتجة لهذه الهواتف الذكية للحد من ذكائها الذي لا يتناسب مع قدراتنا على فهم الأمور؛ والتعامل مع تحديات العصر، فنحن قوم نعتز بالماضي؛ ولن نسمح لأي كان بأن ينفض "الغبار المقدس" عن عقولنا، كما أن هذا التسارع الهائل في ابتكار تقنيات متطورة كل يوم، يصيب السلاحف بالدوار.

أتخيل ملامح المسئولين في شركة RIM الكندية وهم يشرحون لمفاوضينا مزايا الخدمات الخاصة لتقنية البلاك بيري، التي نطالب بوقفها لما لها من مخاطر محدقة بالأمن العام، وسير حركة المرور، والسلم الاجتماعي. لابد أن أصحاب الشركة كانوا يغالبون الضحكات أمام مسئولينا الذين يعتقدون أن بإمكانهم تعليب التقدم التكنولوجي في قربهم المثقوبة.

لعل من الطريف أن نعلم أن الإحصائيات كشفت أن نسبة 80% من مستخدمي هواتف البلاك بيري - المنتجة أصلاً لرجال التجارة والأعمال - في منطقتنا من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، وأن أغلب من يمتلكونه في المنطقة لا يجيدون استخدام أكثر من 50% من التطبيقات التي يوفرها الجهاز، وتعتبر خدمة الشات الخاصة والبريد الالكتروني الأكثر استخداماً من طرف حاملي "فيروس" البلاك بيري من العرب.

لا أدري لماذا تذكرت المثل العامي الذي يقول " شحات ويتشرط" وأنا أتابع أخبار تهافت بلداننا لمنع بعض التطبيقات الإلكترونية وتحجيم خدمات التواصل والدردشة في جهاز البلاك بيري، قد يكون المرء منا غنياً، وذا مال وسطوة وجاه بين الناس، إلا أن ثوب فكره الرث المرقع يشي بما يحاول أن يخفيه بجيوبه العامرة.

ومن المؤكد أن من يسعى اليوم للتصدي لتقنيات التكنولوجيا بالحظر والمنع، كمن يقاتل بسيفه الصدئ عدواً يستخدم أشعة الليزر غير المرئية، ولعل عزائنا الوحيد حين نخسر في النهاية؛ أن الجيل الحالي لم يذق طعم الانتصار في أي مجال، وبالتالي لن يشعر بالحزن على أمر لا وجود له إلا في منهج التاريخ قبل تعديله.

0 التعليقات :

تصميم وتطوير منتديات سامي