يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أنا وشرشبيل ..!!

بواسطة جزيرتــــــــــــــــــــــــي يوم القسم : 4 التعليقات


لا أعرف تفسيراً منطقياً يمكنني أن أقنعكم من خلاله بارتباطي الذهني العجيب بشخصية كرتونية شريرة، إلا أنني أعترف بأن المساحة الكبيرة التي يحتلها شرشبيل في الأنا الداخلي من شخصيتي كان لها دور كبير في تعاملي مع الكثير من الأشخاص والمواقف التي مررت بها طيلة حياتي، فقد التقيت بالكثير من النسخ الآدمية التي تفوق طباعها المؤذية بكثير خصال ذاك السنفور الشرير الذي كنا نمقته ونحن نتابع المسلسل الكرتوني الشهير أيام الصبا، وقلما يمر يوم دون أن أضيف لمجموعتي “الشر- شبيلية” الخاصة شخصية جديدة لا تختلف عن نظرائها السابقين سوى في الاسم والملامح.


أول شرشبيل في حياتي كان اسمه: وديع – سأكتب مستقبلاً عن التنافر بين الاسم والمسمى – كنا نسكن في ذات العمارة وندرس معاً في نفس المدرسة، وطاولتانا متجاورتان في الفصل، كان مجرد ذكر اسمه في الحارة يثير الرعب في نفوسنا – نحن السنافر- كان يلطم وجه أول من يلاقيه منا في الشارع كنوع من التحية، وإن حاولت انتزاع الكرة منه أثناء اللعب فلن تخرج بأقل من جرح غائر بطول ثلاث غرز ونصف على إحدى وجنتيك بعد انتهاء المباراة، ويا ويل الحارة إذا هُزم فريق وديع أو حتى تعادل بنتيجة سلبية صفر لصفر ” لازم يكون هو صفرين والفريق المقابل صفر !!”.

حتى في الجامعة التي من المفترض أن يجد فيها الشاب نوعاً من التعامل الحضاري النسبي مع زملائه، كان المحيط يعج بالنسخ البشرية لشخصية شرشبيل، أذكر أن من بين هؤلاء من كان يأتي للمدرج متأخراً كل يوم لمجرد أن يقاطع المحاضر ويدخل معه في عراك صوتي لا ينتهي عادة دون هرج ومرج وتدخل من الإدارة لفك الاشتباك، والغريب أن شرشبيل الجامعة هذا يتباهى ببطولاته كل يوم أمام الرفاق في باحة الجامعة مدعياً أنه رجل لا يرضى الضيم منذ نعومة “مخالبه” ولم يتجرأ أحد على معارضته، مستشهداً بالخدوش والندب القديمة التي تغطي ثلاثة أرباع وجهه.

لم يفارقني شرشبيل حتى في العمل، ففي كل الوظائف التي امتهنتها قابلتني شخصيات كثيرة تتفاوت نسب الشر في طباعها بين المستتر والمستطير، أذكر أن أحدهم كان ينصحني دوماً بعدم المجيء باكراً لكون هذا التصرف يعطي انطباعاً سيئاً عني لمالك الشركة ويصورني كالمتذلل المستجدي، وكدت أن اطرد لإتباع نصيحته الشريرة، لولا أن زميلاً من “أولاد الحلال” حذرني لاحقاً من هول غضبة “شرشبيل الأكبر” مالك الشركة الذي لا يتوانى عن التنكيل بالموظفين الصغار والتمثيل بهم لترتعد فرائص من هم أعلى مرتبة في سلم الشركة الوظيفي المكون من سبع درجات قابلة للكسر.

لا داعي لأن أسترسل في تعداد مناقب من صادفتهم في حياتي إلى اليوم من أمثال هؤلاء، فالعدد كبير وقابل للتزايد ما زاد عداد أيام العمر، لكني لازلت إلى اليوم أتساءل عن كيف اجتمعت كل هذه الصفات الشريرة بين جوانح طفل صغير لا يتجاوز عمره آنذاك 10 سنوات كما كان رفيق طفولتي وديع؟، فحتى لو افترضنا أنه كان يتلقى دروساً خصوصية مكثفة في إيذاء الآخرين لما تمكن من الوصول إلى هذا المستوى “العالي” من العدوانية!. وكيف يمكن أن تكون الجروح والندب في وجه الطالب الجامعي الشرير ميزة كما يدعي؟، ولماذا يصر زميلي في العمل على إلحاق الأذى بي دون وجود نزاع أو ثأر قديم بيننا؟، سيقول البعض منكم بأن الموضوع بحاجة للكثير من البحث في البيئة التربوية والمحيط الأسري وحتى الجينات الوراثية المسؤولة عن غريزة التعدي على الآخرين، وسندخل متاهة من التنظير والطرح الفلسفي على شكل دائرة لا يعرف مبتدأها من منتهاها.

وإلى أن نجد تفسيراً لهذه الظاهرة خذوا حذركم واحتاطوا بالتعامل السليم مع “شرشبيلات” أيامنا هذه الذين تضاعفت أعدادهم بشكل مخيف وأصبحنا نراهم في كل مكان، وأعذُر السائق الذي يأتي من خلفك مسرعاً بسيارته بطريقة جنونية فهدفه الحقيقي ليس الوصول إلى مكان عمله، ولا يحاول دفعك للتسابق معه، بل تقمصته في ذلك الوقت شخصية شرشبيل البشرية أعاذنا الله من شرورها.

4 التعليقات :

شركة تنظيف بالرياض يقول...

كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ
..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ
..
دائما متميز في الانتقاء
سلمت يالغالي على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك

شركة تنظيف بالرياض يقول...

سطرت لنا أجمل معانى الحب
بتلك الردود الشيقة التي تأخذنا
إلى أعماق البحار دون خوف
بل بلذة غريبة ورائعة
دمت لنا ودام قلمك

شركة تنظيف بالرياض يقول...

دعيني أنحي قلمي قليلا
أقف أحتراما لكِ
ولقلمك
وأشد على يديك لهذا الابداع
الذي هز أركان المكان

شركة تنظيف بالرياض يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
تصميم وتطوير منتديات سامي