يتم التشغيل بواسطة Blogger.

مايونيز أوباما !

بواسطة جزيرتــــــــــــــــــــــــي يوم القسم : 0 التعليقات


انتفض زعيم العالم حاكم القوة العظمى عندما تمادت إسرائيل في غيها وتعاملت بوحشية مع أسطول الحرية وسفنه، التي كانت تحمل مؤناً ومساعداتٍ لشعبٍ أعزل محاصر منذ أربع سنين.
انتفاضة الزعيم لم تكُ بالشجب والتنديد قولاً فقط، ولا اقتصرت على تأنيب الحليف الإستراتيجي لأميركا من خلال استدعاء السفير وتوبيخه، بل سعى القائد المفوه ممشوق القوام إلى تحويل عباراته الجهورية، ونبرة امتعاضه من التعامل العسكري المفرط مع حركات سلامٍ إنسانية، إلى أفعال تلامس حياة الغزيين اليومية، ورغماً عن اللوبي اليهودي، وخلافاً لما تقّول به البعض من أعدائه ومناهضيه عن كونه مجرد موظف منتخب في البيت الأبيض ينفذ سياسات عليا لا تحيد عنها الإدارة الأميركية، حارب أوباما وبكل شجاعةٍ ورباطة جأش هذه الضغوط، وقطع عهداً على نفسه بإضافة "المايونيز" للسلع المسموح بدخولها للقطاع المحاصر!!.


تصور أن هذا أقصى إنجاز استطاعه أوباما الذي ناصره الرأي العام العالمي في انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة حتى قبل المواطنين الأميركيين، أوباما الذي أملنا – وأنا أول الآملين حينها – أن يعني تنصيبه رئيساً لأميركا بداية عصرٍ جديدٍ في العلاقات العربية الأميركية، لما لا ؟ وهو السياسي الشاب الناجح الذي لا تقيده أفكار إيديولوجية ولا ينتمي للمحافظين الجدد، والذي انتقل بكفاحه الشخصي من أحياء شيكاغو الفقيرة، إلى كرسي المكتب البيضاوي، كأول رئيسٍ أميركي من أصلٍ إفريقي.


أيعقل؟.. أهذا هو أوباما الذي أسرنا بفصاحة لسانه وجهورية حنجرته ونظرته العصامية يوم خاطب العالم الإسلامي من جامعة القاهرة ؟، الخطاب الذي هللنا له وصفقنا حتى قبل أن يبدأ، وقطعت قنواتنا التلفزيونية كل برامجها الرئيسية لنقل وقائعه على الهواء مباشرة.


يومها تحدث "الدريم ليدر" عن أهميتنا كعرب ومسلمين في سلم السياسة الأميركية، وسرد الوقائع التاريخية والمعاصرة لأهمية المنطقة والإقليم في السياسة الخارجية لأميركا، حتى الآيات القرآنية أستشهد بها للتدليل على فهمه العميق لحقيقة المسلمين ودينهم، بعيداً عن الصورة المشوهة التي يحاول البعض في الغرب رسمها لنا، وتعهد بمحو أثار الدمار الشامل الذي خلفته سياسات المحافظين الجدد وصورة "أميركا البوشية" القميئة.


انتظرنا .. لنرى أفعال أوباما، فمن هذا مقاله لابد أن نتأمل الخير منه، كيف لا ونحن الشعب الطيب الذي يحسن الظن حتى في مغتصبي أرضه ومدنسي مقدساته، ويقدم لهم المبادرات تلو المبادرات، وتنازلاتنا تترا منذ النكبة إلى اليوم.


طال الانتظار ولم يأتنا البشير... وتلمسنا العذر للرجل بانشغاله بترتيب أموره الداخلية، وقانون التأمين الصحي، ومعالجة الأزمات الاقتصادية التي ورثها عن سلفه، إلى أن أرغمته الضجة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت اعتداء إسرائيل الوحشي على أبرياء عزل في سفينة تحمل مساعدات إنسانية على الخروج من دائرة الأقوال، والانتقال لأول مرة منذ تنصيبه قبل عام نصف إلى مبادرةٍ فعلية موجهة للمنطقة، مبادرة تذكر فتشكر، فك الحظر عن المايونيز والسماح بدخوله إلى غزة!!.
أوباما يثبت كل يوم أنه ليس إلا - في أحسن أحواله – ناشطاً شاباً في الحزب الديمقراطي، رأى فيه أصحاب القرار والمتحكمون في السياسة الأميركية شخصية كارزمية تتوفر فيها الصفات والمزايا الشكلية المطلوبة لتغيير الصورة السيئة التي رسختها تصرفات المحافظين الجدد في العالم عن أميركا، وبالرجوع سريعاً لبعض ملامح تعامله مع القضايا الكبرى التي واجهته منذ انتخابه، نجد أن طريقة تسييره لهذه الأزمات تنم عن قصور بيّن في اتخاذ المبادرة والتعامل السليم مع الأحداث وفقاً لما تمليه ظروفها.
نتائج "السياسة المايونيزية" لأوباما تتجلى في بقاء رئيس دولة عظمى مكتوف اليدين في وجه أكبر كارثة بيئية تهدد بلاده، وتحميل شركة تجارية مسئولية التعامل مع بقعة نفطية تتسع رقعتها كل يوم. ونراها في التعامل الخجول مع ملفات خارجية كبرى كقضية الشرق الأوسط التي لم تتقدم قيد أنملة منذ توليه الرئاسة، وأفغانستان حيث يزداد نفوذ طالبان وتتسع مساحة سيطرتها، والعراق الذي يدخل شهره الرابع بلا حكومة.


من يعتمد سياسة الخطابات الرنانة، وينتقي بعناية مفرداته، ويهتم بأن يكون جهاز قراءة الكلمات معه حيثما حل - ليظهر وكأنه خطيبٌ مفوه يرتجل الجمل الطويلة دون تأتأة - ويطلق الوعود الجوفاء دون تفكير في تطبيقها، حري لعمري أن نصفه بأول رئيس عربي للولايات المتحدة الأميركية





0 التعليقات :

تصميم وتطوير منتديات سامي