يتم التشغيل بواسطة Blogger.

قمة الرقص

بواسطة جزيرتــــــــــــــــــــــــي يوم القسم : 0 التعليقات


من الأكيد أن لا جديد ستأتي به قمة سرت العربية اليوم، فما اعتدنا عليه من تصريحات متضاربة من هذا الطرف وذاك، وانسحابات وسجالات تسبق الجلسة الرئيسية، وانتقاد دولة لأخرى، وغياب زعيم وإعتذار آخر عن الحضور، كلها مشاهد ممجوجة تتكرر كل عام، حتى باتت من مميزات القمم العربية التي لم تعد حدثاً ذا بال، وتذيلت سلم عناوين الأخبار اليومية على شاشات التلفزيون، بل صارت تأتي أخبارها بعد نشرة الطقس.


ولعل القذافي مضيف القمة تفطن ربما لهذا الأمر - الذي لا يحتاج ذهناً متقد الذكاء لملاحظته – وابتدع فكرة لم يسبقه اليها أحد من العالمين، بتخصيص حفل راقص تتمايل فيه الكواعب الحسان أمام أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي، لإضفاء مسحة ترفيه و"فرفشة" على لقاء تخيم عليه سحابة نعاس، وقلما تخلو لقطات المصورين في القمم العربية السابقة من أفواه تتثاءب وأجفان مثقلة وأعناق مائلة.

ومن المحتمل أن يكون السبب في تخصيص حفل غنائي راقص لافتتاح القمة العربية اليوم، انشغال الزعيم الليبي وعميد قادة العرب بمراسيم الاستقبال والبروتوكولات الدبلوماسية عن "خبطاته" المضحكة، التي اعتاد ان يفاجئ بها الحاضرين خلال انعقاد القمم العربية الماضية، وبالتالي سيعوض المشاهدين الكرام ممن ينتظرون جديده كل عام بهذا الحفل الفني الذي يحول القمة من اجتماع دوري لقيادات المنطقة الأكثر تأزماً وأهمية في العالم، إلى أوبريت راقص على ألحان صاخبة تصم الأذان عن أنين ثكالى غزة وبكاء يتامى مقديشو وعويل عجائز العراق.

جيبوتي كانت أول الغائبين، وأعلنتها صراحة : لن نحضر لقمة يستضيفها من يدعم أعداءنا في أسمرة، والملك السعودي قد لا يحضر درءاً لما قد يتفوه به الرئيس الليبي تجاهه كما فعل في القمتين الأخيرتين، وعاهل المغرب لم يحضر لأية قمة عربية منذ أعتلى العرش – إذا ما استثنينا حضوره البروتكولي لقمة الجزائر 2005 – ولن يحضر قطعاً لسرت، مبارك استئصل مرارته في المانيا ولم يعد يقوى صحياً على إحتمال مرارة العبارات التي يتلفظ بها بعض الحاضرين، العراق اليوم بلا زعامة وتشغله الإنتخابات ونتائجها عن إجتماع لايرجى من وراءه كبير فائدة لبغداد، خاصة بعد الحديث عن تمثال لصدام وتكريم لفلول البعث العراقي في طرابلس، أما لبنان فكلنا نعلم قدر الحساسية التي يمثلها مجرد الحديث عن ليبيا وزعيمها، وسلطان عمان معتكف منذ سنين في مسقط لا يبارح قصره إلا لأمر جلل.

كل هذه الغيابات يمكن أن تكون عذراً منطقياً للرقص في مجلس القمة اليوم، ومن المحتمل أن الأمين العام للجامعة العربية أدرك حجم الصعوبات التي تواجه المنظمين والأخطار المحدقة بنتائج القمة التي من الممكن أن تفشل بسبب إعلان بعض القادة صراحة عن عدم رغبتهم في الحضور، فلجأ للرقص وتمايل الخصور والسيقان العارية علها تكون عنصر جذب يدفع القادة لإعادة النظر في قرار المقاطعة، وربما تحثهم على ذلك البقية الباقية في دمائهم من جينات أجدادهم ملوك وأمراء الطوائف في الأندلس.

الأكيد كما قلت بدءاً أن قمة الرقص هذه لن تتمخض – إن كانت حبلى أصلاً – عن أية إجراءات فعالة لإنقاذ المسجد الأقصى من براثن الصهاينة، ولن تفك الحصار عن قطاع غزة، ولا أمل في أن تجد حلاً سلمياً للصراع في الصومال، ولن تمنع قوى الجنوب الإنفصالية في السودان من السير في مخططها..

الجديد اليوم أن البيانات الختامية التي عهدناها تحمل عبارات الشجب والاستنكار والتنديد والوعيد سيضيف اليها قادتنا المبجلون فقرة شكر وإمتنان لليبيا على وصلة الرقص البديعة التي ستوصي الجامعة العربية بإعتمادها كعنصر دائم في القمم المقبلة.


0 التعليقات :

تصميم وتطوير منتديات سامي