يتم التشغيل بواسطة Blogger.

بونسوارين بيروت

بواسطة جزيرتــــــــــــــــــــــــي يوم القسم : 0 التعليقات

لم تكن الرحلة طويلة بالطائرة فبعد ساعتين وبضع دقائق تبدت لنا أضواء كورنيش بيروت وسياراتها،ورأيت بوضوح صخرة الروشة الشهيرة. وفي المطار كانت أولى مفارقات لبنان في انتظاري حين رأيت المكان المخصص للمسافرين اللبنانيين خاوياً أو يكاد، رغم أني كنت الأجنبي الوحيد ربما على متن الطائرة !.
الأخ لبناني ؟ - سألت رجلاً كان يملأ استمارة البيانات الشخصية بجانبي - قال : أيوه يا حبيبي، بس ما تستغرب خيو!! كلنا لبنانيه وكلنا كمان أجانب، هيداك الأميركي من لجنوب، وهيدي الست جنسيتها سينيغالية لكنها من طرابلس بالأصل، منشان هيك أحنا صافِّين معك!.



انتخبي لتكوني جميلة !
في لبنان اليوم لا صوت يعلو فوق صوت الحملات الانتخابية والدعاية الحزبية التي تلحظها في كل مكان، اللافتات تملأ الشوارع والدوارات، عبارات تمجد المقاومة وصور لفتيات جميلات جنباً الى جنب على الحائط نفسه الذي مازالت أثار الرصاص بادية عليه، ولكل جهة سياسية نهجها الخاص وطريقتها المميزة في مخاطبة مريديها وأنصارها.
 
بمقارنة بسيطة بين الشعارات وعناوين الحملات الدعائية وألوانها البرتقالية والصفراء والزرقاء تنكشف أمام ناظريك الخلافات والفوارق الكبيرة التي يعيشها لبنان واللبنانيون، وتدرك أنك بالفعل في بلد فسيفسائي السياسة متلون الطوائف.

تيار ميشيل عون البرتقالي وزع لافتات غريبة في كل مناطق بيروت تُظهر صورة لفتاة ذُيلت بعبارة فرنسية معناها «انتخبي لتكوني جميلة»، ومنبع الغرابة أن الشعارات الدعائية التقليدية تتطرق عادة لوعود بإنشاء مشاريع أو حل مشاكل اقتصادية أو تشغيل الشباب العاطل عن العمل، أما أن يقتصر على صورة "موديل" وعبارة أجنبية مبهمة المعنى فهذا ما لم تصل إليه حتى إعلانات العطور والأزياء.

ورغم ما يقال عن أن هذه الجملة هي محاكاة لعبارة استخدمت في حملة إعلانية في فرنسا تقول «كوني جميلة واصمتي»، إلا أنها بلا شك لا تعبر عن مشاكل اللبنانيين التي يعانون منها. كما أن استعمال لغة أجنبية يوحي بوجود أقلية ناطقة بهذه اللغة ولا تفقه سواها، وإلا فما الحاجة للكتابة بالفرنسية فقط؟.

أمل .. وكرامة !!

حركة أمل التي يقودها نبيه بري انتهجت خطاً إشهارياً مختلفاً، يعتمد على الصورة المعبرة والكلمات المقتضبة، مع التركيز على شعار الحركة المعروف والذي أصبح أشبه بالماركة التجارية.

إحدى هذه اللوحات الدعائية التي وضعت قرب منزل الرئيس بري في بيروت تُظهر صورة عجوز ملأت التجاعيد وجهه كخلفية لكلمة كرامة، لم أفهم في الواقع المقصد من هذه الطريقة في الإعلان وبهذا الشكل - ولا أعتقد أني الوحيد في هذا – لكن ربما للمكان الذي اختير لوضعها إيحاء معين أو مقصد ما.
 

بالنسبة لمجموعة 14 مارس وتيار المستقبل وحلفاؤه لم ألحظ الكثير من اللافتات - ربما لأنني أقمت في منطقة سكنية تدخل في حوزة المعارضة وامتدادها الانتخابي – مع أن هذا كان من المفروض أن يدعو الفئة الأخرى لتركيز حملاتها الدعائية عليها لجذب الناخبين ومؤيدي التيارات المناوئة،كما درجت العادة في البلدان الديمقراطية التي نسمع عنها، لكن لبنان يأبى إلا أن يثبت أنه بلد مختلف في كل شيء، الحزب يركز حملته الانتخابية في المنطقة التي تعتبر مضمونة لصالحه ويتغيب نهائياً عن الأحياء والمناطق الأخرى، والمقاعد النيابية محل التنافس تعد على رؤوس الأصابع لأن الغالبية محسومة مسبقاً لهذا الفسطاط أو ذاك!!.
 
لبنان وطن المساواة

في الضاحية الجنوبية لبيروت يغلب على المكان ومبانيه القديمة - التي ما تزال بقايا عدوان يوليو 2006 ماثلة فيها – ألوان وشعارات حزب الله، التي تركز على المقاومة والنضال والتذكير بانتصارات الحزب على إسرائيل وصور الشهداء والسيد نصر الله، ولا يرى أثر لأي أراء أو تيارات أخرى. ومن المفارقات رغم هذا أن الشعار الرئيسي الذي يرفعه الحزب يدعو إلى نبذ المحاصصة والطائفية والمحسوبية، وينشد لبنان وطن المساواة لجميع أبنائه.
أما على طريق المطار ستلفت انتباهك لافتة برتقالية كبيرة ترفع شعاراً طريفاً يتلاعب بالألفاظ بطريقة ذكية لا تخلو من مكر، تقول اللافتة : الإقلاع عن الفساد في 7 حزيران ..و م طار 49 مليار دولار شو ناطر لتغير !!؟.
 

في الأخير أسمع هذه النصيحة من زائر للبنان ليوم واحد - وأرمها بعد ذلك في البحر إن شئت – لا تسافر إلى بيروت أبداً في خضم الحملات الانتخابية، حتى وإن فزت بتذكرة مجانية مع إقامة ليومين في فندق خمس نجوم.



0 التعليقات :

تصميم وتطوير منتديات سامي