يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الرأسمالية الحمقاء

بواسطة جزيرتــــــــــــــــــــــــي يوم القسم : 0 التعليقات



الوصف المناسب للنظام الرأسمالي العالمي اليوم وتبعاً لما يمر به منذ فترة من هزات عنيفة وسقطات متتالية هو انه أصبح نظاماً أحمق، فمع فجر كل يوم تتعرّض الأسواق الماليّة في طوكيو ونيويورك ولندن وكل أنحاء العالم للاضطراب، وفي كل أسبوع تقريباً نشهد إفلاس مصرف أو نسمع عن إنهيار شركة متعددة الجنسيات وخسارة الآلاف لوظائفهم حول العالم.ورغم كل هذا يصر رعاة هذا النظام على مقدرة الرأسمالية والسوق الليبرالي على التعافي تلقائياً وأن ما نشاهده لا يعدو أن يكون نتيجة صحية لتفاعلات العرض والطلب والمضاربات الاقتصادية، متناسين - عن قصد ربما - أن ما نعيشه حالياً هو إشارات تنبيه تنذر بنهاية النظام المالي العالمي الذي وقع ضحية لمافيات أخطبوطية استغلت هامش الحرية الغير محدود في استخدام السيولة النقدية والأصول المالية للمصارف وسهولة الإقراض لمصالحها الخاصة، وغضت البنوك المركزية الكبرى الطرف عن هذه التجاوزات لتترك الثقب الأسود يتسع شيئاً فشيئاً مهدداً بالتهام المنظومة الاقتصادية الحالية.



طبيب بعد الموت


حين أعلن بنك "ليمان بروذرز" الأميركي -الذي بقي في السوق لمدّة 158 سنة -إفلاسه وخسر 25.000 أجير حول العالم وظائفهم. هز إفلاسه أركان النظام المالي العالمي وأستيقظ عرابوه بعد فوات الأوان، حيث إن إعلان" ليمان بروذرز" لإفلاسه يعني ضمنياً انهيار أكثر من 15 مصرفاً ومؤسسة مالية تابعة له بشكل مباشر، وهو ما دفع السلطات الماليّة الأميركيّة ممثلة في "بنك أوف أميركا" بتبنّي بنك"ميريل لينش" ودفعت 50 مليار دولار له في المقابل. ولو لم يحصل ذلك، لأفلس هذا المصرف أيضاً. إضافةً إلى ذلك، أعلنت أكبر شركة تأمين أميركيّة AIG حاجتها لمبلغ 40 مليار دولار خلال ساعات، تحت طائلة الإخلال بالتزاماتها وطلبت قرضاً من الاحتياطي المالي الفدراليّ قبل فوات الأوان.حدث كل ذلك بعد أسبوع فقط من تأميم أكبر شركة شبه حكوميّة في العالم للقروض العقاريّة «fannie mae» و«Freddie mac» لحماية مالكي العقارات الأميركيّين وقطاع القروض العقاريّة من الإفلاس. وبما ان هذان الدائنان يملكان أكثر من 40% من القروض العقاريّة في الولايات المتّحدة و85% من القروض الجديدة. فعدم تمكّنهما من العمل، كان سيؤدّي إلى الانهيار التام للسوق العقاريّة. ولذلك، اضطرّت إدارة بوش إلى تأميمهما!وذات الأمر حدث في بلدان أخرى - أو كادَ - كبريطانيا واليابان وأخيراً في الإمارات حيث ضخ البنك المركزي مليارات الدولارات في السوق المالي المحلي لتمكين المصارف من تسيير أعمالها الاستثمارية، والغريب في الأمر أن هذه الأموال التي توزع على المؤسسات البنكية مأخوذة قي الأصل من جيوب دافعي الضرائب وحقوق المواطنين الفقراء في ثروات بلادهم لتعطى لملاك المؤسسات المالية الكبرى التي هي السبب في هذه الأزمة لسعي أصحابها المحموم لمضاعفة أرباحهم الشخصية!


إفلاس العالم


المتابع العادي لتطورات الأزمة المالية الحالية سيرى بشكل جلي أن كل هذه الإجراءات لم توقف الانهيار الاقتصادي العالمي الذي يتزامن مع أزمة غذائية غير مسبوقة قفزت فيها أسعار المواد الزراعية لأرقام غير مسبوقة في التاريخ، هذا بالإضافة إلى تأثيرها الكبير على الميزانيات التي كانت مخصصة للبحوث العلمية والتكنولوجيا المتقدمة بسبب صرف البلدان النظر عن هذه المخصصات وتحويلها لما هو أولى، كالغذاء والصحة. فهل نحن أمام نهاية الثورة الصناعية الحديثة؟ وهل سنستيقظ في يوم قريب على إفلاس المنظومة الاقتصادية الرأسمالية؟ أم في النهاية، ستتعافى الرأسماليّة من تلقاء نفسها كما يدعي اقتصاديو الغرب؟.من الأكيد أنه إن استمر الحال على ما هو عليه فسنعود قريباً لنظام المقايضة البدائي بعد أن تغدو العملات والسندات المالية مجرد أوراق يمكن استخدامها لإشعال النار في المدافيء.

0 التعليقات :

تصميم وتطوير منتديات سامي