
كان أغلب الموريتانيين يدرك في قرارة نفسه أن الحكومة التكنوقراطية التي تشكلت بناءعلى تحالفات الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي ترأسها الزين ولد زيدان لن تدوم طويلاً.
فلا الطريقة العشوائية - المبنية على المصالح المتبادلة بدل الكفاءة - التي اختير على أساسها أغلب أعضائها في ظرف وجيز تمنحها فرص النجاح من جهة، ومن جهة أخرى لم تعطي اللوبيات المساندة للرئيس ولد الشيخ عبد الله - والمكونة من بارونات النظام السابق - لولد زيدان الفرصة لإثبات قدرات حكومته. ومن الغريب أن هذه الحكومة المستقيلة علناً والمقالة فعلاً، لا تجد بعد عام كامل من العمل ما تفخر بإنجازه أمام المواطن المسكين الذي شهد خلال فترتها من المصاعب الاقتصادية والقلاقل الأمنية ما لم تره عيناه طيلة النصف قرن الذي هو عمر موريتانيا منذ وجودها على خارطة العالم ككيان مستقل.
حكومة النحس
حكومة الزين ولد زيدان لازمها ( النحس) منذ أن تولت تسيير الأمور, فمنذ بداية عملها واجهت مشكلة المخدرات وعصابات التهريب الدولية التي اتخذت من شمال البلاد نقطة ارتكاز ومعبراً لتوزيع السم الأبيض إلى أوروبا وشمال أفريقيا. ثم توالت عليها سلسة انهيارات شركات القطاع العام بدءاً من الخطوط الجوية الموريتانية (التي كان يرأسها رئيس الوزراء الجديد)، ومشاكل العجز في الميزانية العامة وما ترتب عليها من نقص في الخدمات الأساسية المقدمة للمواطن مثل الماء والكهرباء. ولتعلن هذه الحكومة مؤخراً عن خطر المجاعة الذي يتهدد البلاد. باسطة يد الاستجداء والعطف للدول والمنظمات المانحة عربياً ودولياً.
يضاف إلى ذلك الفشل الأمني الذريع الذي واكب حملتها الأخيرة لمطاردة المسئولين عن الأحداث التي شهدتها البلاد مؤخراً، والتي تحولت فيها قوى الأمن بسبب تخبطها وعدم كفاءة أفرادها إلى مصدر تهديد فعلي لحياة المواطنين بدل أن تكون مسئولة عن توفير الحماية لهم.
والغريب أنه برغم كل هذه الأمور مافتئت حكومة ولد زيدان تصر على أن الأحوال الاقتصادية في البلاد مبشرة وأن التضخم تحت السيطرة ومعدلات النمو في ارتفاع، والأمن مستتب!، والأمر لا يعدو كونه حملة مغرضة تشنها قوى المعارضة من أجل مآربها الخاصة.

ذهب علي بابا ولكن!!
رئيس الحكومة الجديدة يحي ولد أحمد الواقف خبير إحصاء وأستاذ جامعي سابق، ويعتبر أبرز رجال الحكم الجديد، أشتهر في عهد الرئيس السابق ولد الطائع بسمعته الإدارية السيئة لكل المؤسسات الحكومية التي كان مسئولاً عن إدارتها، والتي من بينها الخطوط الجوية الموريتانية التي أفلست مؤخراً، وكانت فضيحة الحجاج الشهيرة قبل عامين السبب في إقالته عن إدارتها. سطع نجمه بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، من خلال توليه منصب الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، وتشكيله لحزب (عادل) المثير للجدل، والذي يتكون أساساً من بقايا الحزب الجمهوري الحاكم سابقاً. ولم يستغرب المراقبون للشأن المحلي تسميته رئيساً للوزراء، ولن يستغربوا قطعاً حين تشمل أسماء الوزراء الجدد بعضاً من ثلة ولد الطائع المعروفة. .قال أحدهم معلقاً على الموضوع، أن علي بابا رحل، لكن رفاقه الأربعين سيخرجون من المغارة