بات سماع أصوات تبادل إطلاق النار نهاراً وفي ساعات الليل المتأخرة، والوقوف لحواجز التفتيش في الشوارع أمراً معتاداً في نواكشوط، التي لم تكن أبداً تتباهى بجمال شوارعها أو مبانيها، بل إن ميزتها الوحيدة هي الأمان. لكن منذ أن اتهمت ما سمي بـ "خلايا سلفية" بالوقوف وراء عملية اغتيال المواطنين الفرنسيين وبحادثة إطلاق النار على السفارة الإسرائيلية وألقي القبض على بعض المتورطين فعلاً في العملية، منذ ذلك اليوم تأكد الجميع أن الخلايا النائمة بدأت تستيقظ، وأن الأمان صار هو الآخر مهدداً.
الغريب في حالة موريتانيا أن فقدان الأمن الذي يشعر به المواطنون هو بسبب قوات الأمن والشرطة نفسها!، فبعد أن كانت مسئولة عن حفظ سلامة المواطنين وحمايتهم أصبحت عاجزة حتى عن السيطرة على متهم خطير مكبل بالقيود داخل المحكمة، وتقتل الأبرياء أثناء المطاردات نهاراً لمجرد الاشتباه، وبدلاً من أن يلاحق المسئولون عن هذا التخبط ، يكرم القادة ويمنحون أعلى الرتب.
وأبانت الأحداث الأخيرة أن السلطات الأمنية عاجزة فعلاً عن تحمل مسئولياتها.وبعد أن كان الهم الأكبر الذي يسيطر على بال المواطن الموريتاني المسكين هو البحث عن قوته اليومي في ظل ارتفاع الأسعار الرهيب الذي شمل كل السلع، أضيف لهمومه همٌ آخر هو الخوف من هذه الفوضى العارمة التي باتت تهدد كيان الدولة في الصميم.أغلب المراقبين السياسيين المحليين عجزوا عن تفسير منطقي لما يجري، فكيف يفر متهم مطلوب دولياً ومقيد اليدين من بين حراسه في أثناء محاكمته أمام القاضي، وكيف لكتيبة مدرعة مكونة من مختلف أذرع القوات المسلحة أن تُهزم أمام
شخصين أو ثلاثة ظلت تحاصرهم ليوم وليلة، وكيف يقتل طالب بريء اشتباهاً وهو لا يحمل من السلاح سوى قلم حبر !؟.

أسئلة كثيرة لا أعتقد أن الإجابة عليها هي في ترقية قائد الأمن إلى رتبة جنرال لأول مرة في تاريخ البلاد.هذه لم تعد نواكشوط ، إنها اليوم خليط من مخيم نهر البارد أيام الاشتباكات وغزة المحاصرة من كل الجهات، فلا الإجراءات المشددة التي اتخذتها قوات الأمن لحفظ النظام والقبض على المجرمين الفارين أعطت للمواطن إحساس الطمأنينة، ولا برنامج المساعدات الإستعجالية -الذي خصصت له حملة (تهويل) إعلامية - أوقف مد المجاعة المحدق بالسكان.
2 التعليقات :
- د. المطالع بن الكتاب يقول...
-
تقاريرك مميزة يا ولد موريتانيا
اهلا بك في مدونة مبادرتنا -
15 أبريل 2008 في 9:39 م
- osman يقول...
-
اشكرك علي هذا المجهود الرائع وننتظر المزيد منك انشاءالله
وشكرا
-
2 يناير 2013 في 12:51 م