
ارتبط السجن على مر العصور بالظلمة والقهر وأنواع الكبت وتتردد على جدرانه أصداء أصوات السياط وهي تلسع أجساد الواهنين القابعين في دهاليز العفن السفلي, ذلك الأتون الملتهب الذي يحاول الجلادون من خلاله وأد نور التحرر وإسكات صرخة عناد الظلم والجور. لكن ظلمة هذا المعتقل كانت دوماً تتمخض عن شعاع قدرة الإنسان في تحدي المحن وتجاوز الشدائد.
والتاريخ البشري حافل بتجارب وقصص هؤلاء الأبرياء الذين وقعوا ضحية الحيف والظلم وذاقوا ويلات التنكيل على جرم لم يقترفوه , لكنهم تحملوا أوزار هذا السجن وسمت أرواحهم النبيلة فوق أنات أجسادهم المعذبة .
وأمثلة التاريخ كثيرة يضيق المقام عن حصرها , وتاريخنا العربي منذ القدم حافل بأمثال هؤلاء ولعل أول ما يستحضره الكثيرون رائية أبي فراس الحمداني – فارس السيف والفلم - التي مطلعها
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر**أما للهوى نهي عليك ولا أمر ؟
وفي تاريخنا المعاصر كانت الفظاعة والتنكيل من القسوة بحيث أن الكلمات لتنوء بوصف مايحدث في ظلمات هذه السجون وهو مايفسر كثرة الوسائل التي يحاول السجين الأديب أن يعبر بها حيث ظهرت إضافة إلى الشعر الرواية واليوميات والسير الذاتية والخواطر والدراسات الاجتماعية...
وهنا في موريتانيا – ربما من باب إثبات أنها لا تقل عروبة عن أشقائها !! – ومنذ الستينات شهدت البلاد أنواعاً من القمع والاعتقال أمتد على طول الفترات والأنظمة المتلاحقة وهو ما ولد مايمكن أن نطلق عليه عصر ازدهار أدب السجون , وبما أن البلاد تميزت بالشعر فقد طغى على غيره من الأنتاجات الأدبية الأخرى.
وظهرت روائع شعرية ماتزال خالدة إلى اليوم ويمكن أن نسميها بمعلقات المعتقل , ففي السبعينات والثمانينات برزت قصائد أحمد ولد عبد القادر ومحمدن ولد الشدو و الخليل النحوي وفاضل أمين هذا الأخير الذي كان يعرف بأبي القاسم الموريتاني والذي توفي شاباً بعد مالقيه من تنكيل وتعذيب , وهذه أبيات من قصيدة يصف فيها اعتقاله :
اسمع أخي سأقص عما قد جرى***طرق اللصوص بيوتنا قب الكرى
كان المؤذن بأخي يدعو الورى***الله اكبر....فالصــــــــباح قد أسفرا
جاؤوا كعاصفة الجراد من المدى*** تجتاح في الظلمات نبتاً أخضرا
حتى يقول :
سيقول لي الجلاد انك مجرم***ويذيع في كل المـــخافر محـــــضرا
وسيشرب العملاء نخب شهادتي***في قصــرهم وكأنهم ملكوا البرى
لكنني أدري بأن قضيتي***ستظل للأجـــيال درباً نــــــــــــــــــــيرا
أنا مااردت سوى الحياة عزيزة***أنا ماوردت سوى العقيدة مصدرا
أنا هكذا فهل الحياة جريمة ؟***أم أن حب الأرض أصبح مــــــنكرا
أنا ياأخي سأظل مثلك صامداً***أنا لن الين لمن طغــــــــــى وتكبرا
إن يقهروا جسدي فأن أرادتي***أقوى من الليل المـــــخيم في الثرى
ولقد نشر احد المحامين الأمريكيين منذ أيام كتاباً يحتوي على انتاجات شعرية للمعتقلين في ذلك المكان البغيض , ومن بينها قصائد لمصور الجزيرة الزميل سامي الحاج أرسلها في رسالة لأبنه .
لقد أستطاع هؤلاء أن يحولوا السجن باتونه وأصفاده من مقبرة لجثث الأحياء إلى مكان يتوقف فيه الزمن ويحيلون الزنزانة المقيتة الى واحة للتخيل ومراجعة الذات واستشراف المستقبل وكأنك لابد من أن تمر بالظلام لكي ترى النور بشكله الحقيقي
والتاريخ البشري حافل بتجارب وقصص هؤلاء الأبرياء الذين وقعوا ضحية الحيف والظلم وذاقوا ويلات التنكيل على جرم لم يقترفوه , لكنهم تحملوا أوزار هذا السجن وسمت أرواحهم النبيلة فوق أنات أجسادهم المعذبة .
وأمثلة التاريخ كثيرة يضيق المقام عن حصرها , وتاريخنا العربي منذ القدم حافل بأمثال هؤلاء ولعل أول ما يستحضره الكثيرون رائية أبي فراس الحمداني – فارس السيف والفلم - التي مطلعها
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر**أما للهوى نهي عليك ولا أمر ؟
وفي تاريخنا المعاصر كانت الفظاعة والتنكيل من القسوة بحيث أن الكلمات لتنوء بوصف مايحدث في ظلمات هذه السجون وهو مايفسر كثرة الوسائل التي يحاول السجين الأديب أن يعبر بها حيث ظهرت إضافة إلى الشعر الرواية واليوميات والسير الذاتية والخواطر والدراسات الاجتماعية...
وهنا في موريتانيا – ربما من باب إثبات أنها لا تقل عروبة عن أشقائها !! – ومنذ الستينات شهدت البلاد أنواعاً من القمع والاعتقال أمتد على طول الفترات والأنظمة المتلاحقة وهو ما ولد مايمكن أن نطلق عليه عصر ازدهار أدب السجون , وبما أن البلاد تميزت بالشعر فقد طغى على غيره من الأنتاجات الأدبية الأخرى.
وظهرت روائع شعرية ماتزال خالدة إلى اليوم ويمكن أن نسميها بمعلقات المعتقل , ففي السبعينات والثمانينات برزت قصائد أحمد ولد عبد القادر ومحمدن ولد الشدو و الخليل النحوي وفاضل أمين هذا الأخير الذي كان يعرف بأبي القاسم الموريتاني والذي توفي شاباً بعد مالقيه من تنكيل وتعذيب , وهذه أبيات من قصيدة يصف فيها اعتقاله :
اسمع أخي سأقص عما قد جرى***طرق اللصوص بيوتنا قب الكرى
كان المؤذن بأخي يدعو الورى***الله اكبر....فالصــــــــباح قد أسفرا
جاؤوا كعاصفة الجراد من المدى*** تجتاح في الظلمات نبتاً أخضرا
حتى يقول :
سيقول لي الجلاد انك مجرم***ويذيع في كل المـــخافر محـــــضرا
وسيشرب العملاء نخب شهادتي***في قصــرهم وكأنهم ملكوا البرى
لكنني أدري بأن قضيتي***ستظل للأجـــيال درباً نــــــــــــــــــــيرا
أنا مااردت سوى الحياة عزيزة***أنا ماوردت سوى العقيدة مصدرا
أنا هكذا فهل الحياة جريمة ؟***أم أن حب الأرض أصبح مــــــنكرا
أنا ياأخي سأظل مثلك صامداً***أنا لن الين لمن طغــــــــــى وتكبرا
إن يقهروا جسدي فأن أرادتي***أقوى من الليل المـــــخيم في الثرى
ولقد نشر احد المحامين الأمريكيين منذ أيام كتاباً يحتوي على انتاجات شعرية للمعتقلين في ذلك المكان البغيض , ومن بينها قصائد لمصور الجزيرة الزميل سامي الحاج أرسلها في رسالة لأبنه .
لقد أستطاع هؤلاء أن يحولوا السجن باتونه وأصفاده من مقبرة لجثث الأحياء إلى مكان يتوقف فيه الزمن ويحيلون الزنزانة المقيتة الى واحة للتخيل ومراجعة الذات واستشراف المستقبل وكأنك لابد من أن تمر بالظلام لكي ترى النور بشكله الحقيقي