بعد التنكيل والحصار والتجويع الذي فرضه الإسرائيليون على غزة الصامدة مؤخراً ، شهد الشارع الموريتاني غلياناً غير مسبوق عم جميع فئات المجتمع ، وطالبت جميع القوى السياسية والأحزاب الحكومة الموريتانية بقطع علاقاتها اللامبررة مع إسرائيل.
ولعل تصريح رئيس البرلمان الموريتاني مسعود ولد بلخير مؤخراً الذي وصف فيه العلاقات مع إسرائيل بأنها مشينة وغير مفهومة ويجب وضع حد لها سابقة من نوعه كونه أول تصريح بهذه اللهجة يصدر من مسئول موريتاني بهذا المستوى، وظنه المراقبون بداية للإعلان عن نهاية هذه الوصمة التي وضعها نظام ولد الطائع السابق على جبين هذه البلاد المعروفة بوقوفها الدائم مع القضية الفلسطينية.ولكن الرد الحكومي لم يتعدى تصريحاً مقتضباً أصدرته وزارة الخارجية للتنديد بالأحداث المؤلمة في قطاع غزة ، داعية إلى حل سريع للمسألة!! وكأن الكيان الإسرائيلي "الوديع" سينصاع لهذا البيان "الخجول".
ويأتي هذا التصرف من الحكومة الموريتانية ليثبت مرة أخرى أنها بعيدة عن تقدير مدى الاحتقان الذي وصل إليه الموقف الشعبي من هذه العلاقة .وجاءت الرسالة التي كان يتخوف منها الجميع وهي الهجوم على مقر السفارة والذي وإن أدى إلى سقوط عدد من الجرحى في ملهى ليلي مجاور ولم يصب أياً من طاقمها ، إلا انه إنذار أخير لسلطات نواكشوط التي كانت ترجح كفة المصالح الاقتصادية مع الغرب على الرأي العام المحلي.وأفادت مؤسسة "انتل سنتر" الامريكية، التي تهتم بمراقبة النشاطات الارهابية في إطار تفسيرها للحدث، ان المسؤول الثاني في تنظيم القاعدة ايمن الظواهري دعا قبل سنة الموريتانيين الى مهاجمة السفارة الاسرائيلية في نواكشوط.
وقال بن فينزكي، رئيس المؤسسة التي تتخذ في الكسندريا في ولاية فيرجينيا قرب واشنطن مقرا لها "هذا يندرج في اطار نهج القاعدة التي تشير الى اهدافها المفضلة في رسائل علنية قبل سنة او اكثر من وقوع الهجمات". وأشار إلى أن هذه الدعوة اتت ضمن شريط فيديو بثه موقع السحاب الذي يبث اشرطة القاعدة في 13 فبراير 2007. وتضمنت فقرة من الشريط الذي ترجم الى الانكليزية ووفرته "انتل سنتر", دعوة الى طرد السفارة الاسرائيلية من موريتانيا."موريتانيا دولة طرف، ولا أعتقد أن لعنة الجغرافيا ستترك لها أن تؤثر في المركز مهما كانت جسامة الأحداث التي تعرفها" هذا ماقاله المفكر و"المؤرخ" السياسي محمد حسنين هيكل العام الماضي على قناة الجزيرة أثناء رده على سؤال حول مدى التأثير الذي يمكن أن يحدثه التحول الديمقراطي اللافت الذي عرفته البلاد.فهل تفند ثورة الشارع الموريتاني على الأحداث الأخيرة في غزة ومطالبة الفاعلين السياسيين من مختلف الاتجاهات الفكرية للحكومة باتخاذ موقف شجاع بإنزال العلم الإسرائيلي من سماء نواكشوط ماقاله السيد هيكل؟ أم أن مقولة أحد المفكرين الجزائريين إبان ثورة الاستقلال التي تنبأ فيها بأن شمس العرب ستشرق من مغربها في طريقها للتحقق؟

