
عندما سَلمَ رئيس المجلس العسكري السابق علي ولد محمد فال مقاليد السلطة للرئيس المنتخب ولد الشيخ عبد الله, كان كل الموريتانيين يشعرون بنوع من الأمل الممزوج بالكثير من التفاؤل. الأمل , لأن الحلم بالتحول الديمقراطي المنشود تحقق – وان كانت شابته بعض الشوائب- والعقيد وفى بوعده وتنحى عن كرسي السلطة ليتركه لشيخ سبعيني منتخب لايحمل له أي موريتاني غلاً او ضغينة. والتفاؤل , لأن الكل كان يقول أن سبب المآسي والظروف الصعبة التي عاشتها البلاد كان خنق الحريات واضطهاد قوى المجتمع..
من هنا بدأنا عام 2007 , لكن القادم كان مختلفاً عن التوقعات. فبمجرد تسلم حكومة ولد زيدان لمهامها بدأت المشاكل تتهاطل عليها من كل صوب , فظهرت عصابات التهريب الدولية ومدى نشاطها المخيف في أنحاء البلاد , وأعلن افلاس شركة النقل الجوي الوحيدة , وتردت الأحوال المعيشية للسكان وزادت نار الأسعار لهيباً. وأصر مسئولوا الدولة على أن الوضع بخير كمن يريد تفنيد الواقع أو اخفاء الشمس بغربال الى أن ثارت ثائرة الجياع , وعلى غير المتوقع من داخل البلاد حيث الأقاليم المنسية التي كانت تعتبر بعيدة عن الأحداث . وجاء رد السلطات قوياً ودموياً ليسقط أول متظاهر موريتاني بنيران حماة الديمقراطية ..!
اصدر البرلمان في العام الماضي قانوناً يجرم الرق ويردع فاعليه. وان كان هذا القانون قد سبق بقوانين مماثلة في الأعوام الماضية الأ أنه نال رضى وأجماع الفاعلين السياسيين والحقوقيين, وهو ماحدث كذلك في قضية المبعدين الموريتانيين الزنوج اللاجئين في البلدان المجاورة . الذين تقررت عودتهم الى مواطنهم قريباً , هذه العودة التي وان كانت تحل مشكلة الابعاد الا انها تفتح الباب على الكثير من المشاكل الأخرى لعل أبسطها ماسيفتح من دعاوى وملفات ظلت مغلقة لـ 19 عاماً.
كما شهد العام الماضي تربع موريتانيا على قمة الدول العربية من حيث الحرية الصحفية وحرية الأعلام , هذا الأعلام الذي وان كان حراً من ناحية القوانين الا انه ظل مقيداً بقلة الأمكانيات المادية وأنخفاض الدعم من طرف الدولة . وهو ماجعل موريتانيا تدخل العام الجديد بدون صدور أي صحف بعد أن أعلنت عن أضراب مفتوح عن الصدور لمدة غير محددة بسبب المشاكل التمويلية . لكن نهاية العام كانت تشبه الى حد كبير نهايات الأفلام التشويقية , وحملت معها مالم يكن يتوقعه أكثر المتشائمين – وهم كثر في موريتانيا- فبمقتل أربعة سياح فرنسيين في (ألاك) , والهجوم على حامية ( الغلاوية) الذي أسفر عن مصرع ثلاثة جنود واعلان القاعدة عن مسئوليتها عن الحادث. دخلت البلاد في تحدي جديد مع تهديد الأرهاب الذي صار حقيقة ماثلة كانت أولى نتائجها الاعلان عن الغاء سباق رالي دكار الذي يعتبر العمود الفقري للموسم السياحي الموريتاني لما يدره من ملايين الدولارات.
بعد كل عام دراسي تظهر نتائج العمل السنوي لتحدد من تخطى بنجاح ومن تردى برسوب, ويمكن أن نقول أن نتيجة الحكومة الموريتانية هي نجاح محدود على المستويين السياسي والحقوقي , واخفاق اقتصادي واجتماعي وأمني بأمتياز .
