
تلوح في الأفق منذ أسابيع بوادر أزمة سياسية خطيرة في موريتانيا بعد أن هدد زعيم المعارضة أحمد ولد داداه باللجوء الى الشارع لثني الرئيس والحكومة عن المضي في مخططاتهم الراميةلبيع حصة الدولة في إحدى أكبر شركات القطاع العمومي وأهم ممول للميزانية المحليةبالعملات الصعبة.حيث تعتبر الشركة الوطنية للصناعة والمعادن (سنيم) أكبر منتج لخامات الحديد عالي الجودة في أفريقيا والشرق الأوسط فقد بلغ متوسط أنتاجها السنوي 12 مليون طن , مما يجعلها ركيزةأساسية من ركائز الاقتصاد الموريتاني خاصة بعد تدني المداخيل التي كانت متوقعة من النفط.وتتوفر شركة (سنيم) على بنى تحتية عملاقة في شمال البلاد من محطات كهربائية ومناجم ضخمةوميناء تصدير وأطول قطار عربات في العالم كما توظف مايزيد على خمسة ألاف عامل ,وتعتمد مدن الشمال (الزويرات ونواذيبو) بشكل كبير على ماتوفره الشركة من خدمات للسكان .وقد سجلت الشركة فائضاً معتبراً في أرباحها خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة الزيادة العالميةالتي شهدتها أسعار خامات الحديد مما دفع بشركات كبرى من قطر والسعودية إلى التعاون مع(سنيم) لبناء مناجم جديدة في المنطقة .ولكن كل هذه المميزات مع وضعها المالي الجيد ومستقبلها الواعد لم تشفع للشركة لدى الحكومةالموريتانية دون عرض حصتها البالغة 78% للبيع , وهو ما جعل الملياردير الهندي الشهير( لاكشمي ميتال ) يزور البلاد مؤخراً عارضاً شراءه لحصة الدولة الموريتانية في رأس مال الشركة بمليار دولار , وهو ما أثار قلق المعارضة السياسية والصحافة المحلية من أن تخسرالبلاد آخر سند اقتصادي لها بعد أن تقوم ببيعه لرجل أعمال أجنبي لاهم له الا ماسيجنيه من أرباح.ومن الغريب أن تتزامن هذه القضية مع إفلاس مؤسسة وطنية أخرى هي الخطوط الجويةالموريتانية والتي كانت تمت خصخصتها من قبل لرجال أعمال موريتانيين ومن المفارقات أن تبرر الحكومة ما آل إليه حال شركة الطيران الوحيدة في البلاد بسوء إدارة رجال الأعمال المالكين لها ومع ذلك تمضي قدماً في عملية بيع شريان البلاد الرئيسي لرجل أعمال أجنبي.منذ أن تولت الحكومة الجديدة تسيير أمور البلاد قبل ستة أشهر والمشاكل الاقتصادية تتوالى ,حتى أن الوزير الأول الزين ولد زيدان أعترف مؤخراً في تصريح صحفي بعجزها عن الوقوف في وجه الفساد الإداري المستشري في أغلب قطاعات الدولة . فهل ستستمر حكومته في نهجهاالاقتصادي المثير للجدل ؟ أم أننا أمام بوادر احتقان سياسي قد لاتحمد عواقبه ؟من هو لاكشمي ميتال؟يلقب بـ ( ملك الصلب والفولاذ في العالم ) ينحدر من أسرة هندية قادمة من ولاية راجستان في غرب الهند . وكان والده (موهام) يملك معملاً للحديد في مدينة كالكوتا .بدأت نشاطات لاكشمي في عام 1975 عندما سافر إلى اندونيسيا , وسرعان ماتطورت أعمالهومصانعه وأنتقل إلى لندن حيث بدأ في الاستحواذ على المناجم والمصانع التي كانت تعاني منالإفلاس في أوروبا الشرقية في التسعينيات.صنفته جريدة الصنداي تايمز في المرتبة الخامسة من بين أثرياء بريطانيا , وقد أشتهر الحفل الذيأقامه لزفاف أبنته الوحيدة ( فانيشا ) في باريس حيث وصلت تكاليفه الى 55 مليون دولار!!وتقول مؤسسة (سي آر يو ) للاستشارات المعدنية أنه يسيطر على مايقارب 25% من أجمالي أنتاج الصلب في العالم.
